الفصلالثالثكان والد زمردة لا يزال غارقا في عمله خلفمكتبه حين جاءه راميـــ سيد شاكر لقد جاءك ضيوف.
ـــ حقا هل وصلوا؟ أدخلهمإلى غرفة الاستقبال حالا.
ـــ أمرك سيدي.
عاد رامي الى الزائرين عند البابوكانوا امرأة تبدو على وجههاملامح القسوة ويظهر أنها تجاوزت الأربعين من عمرهالكنها تملأوجهها بالأصباغ لتضفي عليه شيء من الجمال، ومعها رجل ضخمبعضالشيء ملأ الشيب رأسه لكنه مازال يحتفظ بقوته ويبدو أنه زوجها،ومعهما شاب خمّنرامي أنه بنفس عمره، على قدر كبير من الوسامةذهبي الشعر أزرق العينين تشع منوجهه ملامح المكر والدهاءقال رامي: اتبعوني من فضلكم.
سار رامي وهو يتساءلعن سبب زيارتهموتبعوه دون أن ينطق أحدهم بكلمةفتح رامي باب الغرفة و تنحىقليلا ليسمح لهم بالدخول ثم تمتمببضع كلمات يستأذن فيها للمغادرةكانتالغرفة واسعة تحوي مجموعة من التحف والقطع الثمينةومعلق على جدارها لوحة كبيرةمرسومة بالألوان الزيتيةلطفلة شقراء تملأ وجهها ابتسامة مشرقة وترتدي معطفاأحمر،وكانت المقاعد فاخرة وفي الوسط طاولة زجاجية شفافةجلس كل من المرأةوالرجل الى جانب بعضهما أما الشابفقد جلس على مقعد منفرد وبعد لحظات دخل السيدشاكر الغرفةـــ أعذروني على التأخيرـــ لا عليكـــ وأهلا بقدومكم اننيسعيد جدا يا سيد أكرم بهذه الزيارةلقد شرفتني أنت وعائلتك في منزلي، فيالحقيقة لقد كنت قلقا اليوملأني لم أعرف بماذا أبرر زيارتكم هذه لإبنتي زمردةأنتم تعلمونلقد أعطيتكم كلمة ويجب أن أوفي بها .
سأل السيد أكرم: وبماذابررت لها زيارتنا؟ارتبك شاكر قليلا ثم قال: هي...أعني...لقد خرجتللتنزه.
ـــ ولكن لماذا لم تخبرها أننا خطبناها لإبننا راضي؟لقد مضى عامعلى هذه الخطوبة أيعقل أنها لا تعرف حتى الآن!!
فقال الشاب بتجهم: ولكني أناأيضا لم أعرف إلا منذ شهر،ثم كيف نأتي لنؤكد خطوبة من فتاة غير موجودة!
وكيف تخرج وخطيبها آت لرؤيتها!!
تفاجأ شاكر وقال: ماهذا؟يبدو أن راضيغير موافق على هذه الخطوبة!!
فتدارك السيد أكرم الوضع قبل أن يتفاقم:
لا عليكمنه ياسيد شاكر هو موافق ولكنّ مزاجه اليوم سيءبسبب بعض الأمور الخاصة.
غمغمالشاب بشكل غير مفهوم والشرر يتطاير من عينيه لكن أمهأنهت الأمر بنظرة ثاقبةإليه فقال وهو يتصنع الرقة في كلامه:
أعذرني ياسيد شاكر على فظاظتي إنني فعلامتضايق اليوموفي مزاج سيئ.
ـــ لا عليك يا بني لا عليك أنا أقدرظروفك.
ـــ لديّ سؤال ياعمـــ تفضل.
ـــ هل الآنسة زمردة موافقة علىالزواج بي؟ـــ أوه يابني إن زمردة قد قالت لي من قبل أنها ستوافقعلى أي كانحتى لو لم تره.
ـــ أحقا ما تقول؟ـــ أجل طبعا.
ـــ إذن لماذا....
فيهذه اللحظة انقطع كلامه والتفت الجميعالى مصدر صوت تحطم زجاجكان رامي واقفاعند الباب وقد احمر وجهه وتناثرت أمامهأجزاء أقداح القهوةولطخت الأرض،فقال مرتبكا: أنا آسف يا سيدي اعذرنيلقد سقطت مني دون قصد.
غضب شاكر وصرخبه:
ماهذ التصرف يا رامي هيا اطلب من الخدم أن يأتوا لتنظيف المكانواذهبوأحضر غيرها.
ـــ حاضر..حاضر.
ـــ عذرا على ما حدث هذه ليست عادته.
فقالتوالدة راضي وهي غاضبة: فعلا إنه تصرف سيئلو كان هذا الفتى يعمل عندي لطردتهفورا..
أسرع راضي وقال:
عفوا يا عم كنت أقول لماذا لم تخبر الآنسة زمردةحتى الآن بأني خطبتها؟امتقع وجه شاكر وظهرت الحيرة في وجههـــإنني...نعم إنني أريد أن أجعلها مفاجئة...
ابتسم الشاب بمكر دون أن يدرك أحدماالذي كانت تعنيهابتسامته تلك.
عاد رامي مجددا ودخل وهو يحمل أقداحالقهوة فقدمها لهموحينما قدم للسيد شاكر سأله:
هل طلبت من يأتي لتنظيفالمكان؟ـــ أجل سيدي.
ـــ جيد.
ذهب رامي الى المطبخ وقال للخادمة نوراوهي المسؤولة عن التنظيف:
أسرعي يا نورا يبدو أن السيد شاكر غاضب جداوكانتنورا فتاة في التاسع عشر من عمرهاتبدو في ملامحها البلاهة والعفويةوقددفعها الفقر للعمل خادمة وكانت محظوظةإذ وجدت عملا عند شخص ثري مثل السيدشاكرسألته ببلاهتها:
كيف سقطت منك الأقداح يا رامي؟ ولماذا سقطت؟ـــ ليسهناك وقت للشرح هيا اذهبي الآن.
ـــ حاضرةبعد قليل عادت نورا فسألها رامي: ماذا حدث؟ـــ أين؟ ماذا تقصد؟لم يحدث شيء وماذا سيحدث عندما أقومبتنظيفمكان سقطت فيه أقداح من القهوة؟!
شعر رامي بالضجر منهاـــ كنتأعني هل أنهيت عملك؟ـــ أجل.
ـــ هل كان السيد شاكر غاضب؟ـــ كلاـــهل كان مبتهج؟ـــ كلاغضب رامي : يا إلهي .. لا فائدة من الحديث معكِ .
أراد رامي أن يتحقق مما سمعه فقد كانت مفاجئةأن تكون زمردة مخطوبة، وبينماهو يفكر سمع صوت مخدومهوهو يودع ضيوفه : أرجو أن تعيدو زيارتنا.
رد والدراضي:
بم أن الأمر لا شأن فيه للفتاة إذن سنحدد نحن وقت الزفافولكن عليك أنتسرع في إخبارها .
ـــ حسنا أمهلني شهرا أكون في خلاله قد أنهيت كل شيءوعندها تستطيعون أخذها متى شئتم.
ـــ لك هذا.
ـــ شكرا لكم.
ـــ إلىاللقاء.
ـــ مع السلامة.
* * *
للروايةبقية