قصة حب من طرف واحد

[م. عمر بو نصر الدين]

ما أريدك قصة حب من طرف واحد

في البداية أحببته كثيرا وكنت أشتاق له عندما يتأخر..
كنت أحسد الأماكن التي يزورها والزهور التي يشمها.. كان مفعما بالحيوية والنشاط والتألق..
كانت تلك أجمل أيام حياتي.. حياة ملؤها الشوق والأمل بالمستقبل..
كانت الثواني تمر مسرعة بقربه وعند رحيله فكأن الزمن يتوقف فتغدو الثواني ساعات طوال..
ولكن الأمور لا تدوم على حالها فالتقلب هو سمة الحياة كما يقول الأولون..
لم تمض سنة على علاقتنا حتى بدأ يطيل المكوث عندي وبدأت أشعر بالتعب والملل..
ربما هذه هي طبيعة الحياة حب وهيام.. ثم فتور..

تردت علاقتي به بعد عدة سنين ، فبت أكرهه كرها جما لأنه التصق بي ولم يعد يفارقني لحظة واحدة..
فقدت معه خصوصيتي وشخصيتي وكل امتيازاتي حتى كرهني الناس بسببه..
كنت أحب الشعر والشعراء ولكنني لم أعد أحظى بالوقت الكافي للاستماع أو الاستمتاع..
بدأت أغتاب الناس مثله وأنصب الكمائن مثله وأعقد المؤامرات مثله
لـِكثرة ما مارس هذه العادات صديقي السابق وعدوي اللدود وقدري المكتوب..

كـَسَرْتُ رجلي ذات مرة حتى أتملص منه وعبثا حاولت ، فلقد لازمني
ولم يفارقني لحظة واحدة وظل طوال الوقت مراقبا ومداويا..
أظهرت له عدم اهتمامي وحقدي ، لكنه لم يبالي..
كان يزداد حبا وولعا وهياما.. كنت أنثاه الوحيدة.. الفريدة..
فهل كان تصرفي جحودا بالنعمة؟..

عشت زمنا طويلا أمقته ولا أقدر على الخلاص منه حتى حانت اللحظة التي انتظرتها طويلا..
كان خبر وفاته كانبلاج الفجر بعد ليل دامس طويل.. ليل بلا قمر ولا نجوم..

توفي..
واعتقدت أنني تحررت أخيرا.. إلا أن سعادتي لم تدم طويلا لأنه أوصى بدفني معه..
نعم لا تستغربوا فتلك وصيته الوحيدة..
لقد عاش كل حياته من أجلي فليس كثيرا عليه أن يُدفنَ حبه الأزلي بجواره..

بكيت حين ساقوني لقبري وصرخت هل عاد زمن الفراعنة؟!..
بكيت ثم ضحكت.. ثم أنني من شدة حنقي وغيظي ارتفعت حرارتي حتى ذابت أوصالي
فهويت على الأرض وتحطمت..

حزن الورثة علي أكثر من حزنهم على فقيدهم وقرؤوا الفاتحة وآية الكرسي على روحي
وطلبوا من الله أن يعوّضهم بكرسي آخر مثلي..
دفنا معا وبلي معدني ولم يعد بمقدور أحد إعادتي للحياة..
اهترأ جسدي.. أما هو فقد رثّ كفنه وبانت عظامه..
فشاهدت أثر ابتسامة على جمجمته

فصرخت: (ما أريدك حتى لو تحييني بيدك ما أريدك)..

انتهت

أكتوبر2010

.."::k99o
.